ربّمَا أكثر مَا يُعجبني في الأدب الإنجليزي والأمريكي على وجه الخصوص هو الغوص في أعماق النّفس البشرية للكشف عن مواطن الجمال فيهَا، بغض النظَر عن ذلكَ الكمّ الكبير الذي تأسره النّفس من القُبحٍ مُتجاوزَةً بذلِكَ المعنى الظاهري للقُبح كَما يظهرُ في الأدب الكلاسيكي الغربيّ أو الأدب العربيّ حَاليًا.
ربما خير مثال على ذلك شخصيّةُ “دوبي ” ضمن روايات “هاري بوتر”. ” دوبي ” هو جنّي من خَدَمةِ السحرة ذو شكل قبيح جدًّا لكنّه يحملُ بداخله قدرًا كبيرًا من الطيبة والجمَال. أغلبُ الروايات الأمريكية الحديثة تتجه نحو هذا االمنحى؛ الكشف عن مواطن الجمال في النّفس البشرية، من خلال مثلاً : روايات ” توايلايت ” ومناقشَتها لقضيّة أنسَنة مصاصي الدماء، كذلكَ ” شراك ” ذلكَ الغول الذي يحملُ قدرًا كبيرًا من الطيبة والإنسانيّة التي يفتقدُهَا الإنسَانُ.. قصةُ شراك يراها النّقاد العالميون أفضل قصّةٍ خرافيّة في العالم؛ لأنّها تُعلّمنا أنّه ببساطة لايلزمنا أن نكون كاملين لنكون سعداء. كما أنّ شراك وهو قبيح المنظر لم يلزمه أن يتغيّر ليتزوّج الأميرة كما تعوّدنا في القصص التقليديّة، بلْ راعتْ الأميرة الجمال الداخليَّ لشراك وكانت هي من تحوّل لأجله.  
   إنّ سَلكَ هذا المنحى حتمًا في الأدب الأمريكيّ المعاصر يمثل لا محالةَ تطوّرًا مُذهلاً في تغيّر النظرة للقيم الأكثر بروزًا وتأثيرًا على حياة النّاس ” القبح والجَمَال ” وهذَا ولاشَكّ أحدُ أسباب التطوّر والازدهار الذي تشهدُه أمريكَا. لكأنّهم يقولونَ :
ازرعْ جَميلاً ولَو في غير موضعه ** مَا خابَ جميلٌ أينمَا زُرعَا
إنّ الجميل ولوطالَ الزّمانُ به ** فلنْ يحصده إلاّ الذي زرعَا
 

One comment on “النَّظرةُ الجديدةُ للجمال في الأدب الغربيّ

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *